Monday, January 31, 2011

مصر التي في خاطري للرائعة سعدية مفرح

http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pages/2011/01/31/33_page.pdf
مقالة رائعة للكاتبة والشاعرة الرائعة سعدية مفرح
مصر أولا .. مصر أخيرا .. مصر دائما
صحيح ان ما يحدث الان في مصر يبدو كأنه صدى لما حدث في

تونس قبل أسابيع قليلة، خاصة ان الشباب المصري الثائر لم يجد

غضاضة في استعارة بعض شعارات الشباب التونسي ليرددها

حرفيا أحيانا أو بتعديلات تناسب الحالة المصرية أحيانا أخرى، لكن

الصحيح ايضا ان مصر اولا، وقبل تونس، ليس في ثورتها الشبابية

وحسب بل أيضا في حجم ما يمكن ان تتركه هذه الثورة على محيطها

العربي ..تحديدا.

مصر التي ثارت (أخيرا ثارت) لم تكن بحاجة إلى بوعزيزي مصري

يحرق نفسه فتشتعل الارض من تحت اقدامه، فمعظم شباب مصر

ينتمون إلى قبيلة البوعزيزي، وهم يحترقون يوميا، ومنذ سنوات

طويلة، وهم يغذون حرائق ارواحهم بالكثير من الصبر والعمل (أي

عمل) والضحك.. ولكنه ضحك كالبكاء.

بعيدة مصر جغرافياً، لكنها قريبة من القلب حتى لتكاد تحتله

بأكمله، أعني القلب العربي كله. القلب الذي يتشظى في الرخاء والفرح

ومباريات كرة القدم، ويعود ليصير قلبا واحدا نابضا بالحماسة

والألم والحزن في الشدائد.

وهكذا توحد القلب العربي مرة أخرى، وفجأة وجد الجميع نفسه

معنيا بما يحدث في مصر، لا كما انشغل سابقا بما يحدث في تونس

بل كما هو منشغل دائما بما يحدث في وطنه. مصر هي الوطن الخاص

الآخر لكل منا، ولذلك دارت دائرة قوس قزح الملونة باختياراتها المتعددة

لتصير لونا واحدا هو اللون الابيض.. كما قلب مصر وأهلها تماما.

لكن ما الذي يحدث؟

مصريون في شوارع القاهرة والاسكندرية والسويس وغيرها

من المدن المصرية الكبرى والصغرى والقرى والنجوع والعشوائيات

أيضا يرفعون صوتهم عاليا، يسمون الاشخاص بأسمائهم، يتكلمون

بكلمات صريحة جدا، يرددون شعارات قاسية جدا ولكنها تعبر

بدقة عما يريدون، يطالبون بالتغيير.. التغيير.. التغيير ولا شيء غير

التغيير، التغيير الكبير الذي يبدأ من فوق، أي من أعلى قمة سياسية

في بلادهم.. من الرئيس. ومع انهم لا يعرفون تماما الى أي حد يمكن

أن يصل هذا التغيير بهم وبوطنهم، الا انهم على الاقل يدركون، ربما

بالفطرة، انه لن يصل بهم الى ما هو أسوأ، فليس هناك ما هو أسوأ،

وقد يئسوا من الاصلاح الذاتي للنظام بعد أن تورم هذا النظام وتعالى

كثيرا على مطالبهم البسيطة والمقدور على تأمينها بمصادر مصر

الاقتصادية والسياسية وحدها، بعيدا عن تلك المعونات التي يلوح بها

الاخرون كلما ارتفع الصوت مهددين بايقافها.

المشهد المصري الذي احتل الشاشات التلفزيونية في العالم كله،

وفاض عنها ليحتل شاشات الحواسيب بإمكاناتها الجديدة المتعددة،

رغم المنع الرسمي في مصر لكل وسائل الاتصال تقريبا، مشهد نادر

جدا في القاهرة المسالمة والمتسامحة دائما. لكن السيل هذه المرة، كما

يبدو بلغ أعالي جبل المقطم، بعد ان أغرق العشوائيات الرابضة على

سفحه دليلا على ما يحدث في بر مصر.

الغريب ان النظام المصري، المشهود له بالذكاء الاستخباراتي والخبرة

الأمنية، لجأ الى أغبى حيلة سياسية يمكن ان يلجأ اليها دكتاتور قديم

أو حديث. حيلة المنع، فقطع جميع شبكات الهاتف المحمول، واغلق

معظم مكاتب الفضائيات، العربية تحديدا، ومنع مغردي التويتر من

التغريد بعد أن أغلق صفحات الفيسبوك. تمترس خلف بابه المغلق،

وجلس يسجل خطابه الاعلامي، وفقا لتوقيت واشنطن، ليكون مادته

الاعلامية الوحيدة في تلفزيونه المنعزل عن شعبه. دكتاتور كامل

.«؟ على مين » الاوصاف.. وبعلامات مصرية فارقة. لكن

قالها المتنبي وهو يائس من اي تحرك مصري ضد من يحكمه

نامت نواطير مصر عن ثعالبها * فقد » : من العبيد ذات بيت خالد

وربما آن الاوان لنقول للمتنبي: اسمح لنا ..« بشمن وما تفنى العناقيد

يا شاعر.. ليس بعد الان. فقد استيقظت نواطير مصر.. وخرجت الى

الشوارع.. وقودها الناس.. والامل.

سعدية مفرح

Saadia111@hotmail.com

أسفار

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.