Monday, November 8, 2010

زيدوا الراتب.. زيدوا الأسعار

كتب عبداللطيف الدعيج
من المفروض ومن المفروغ منه ان تتولى الحكومة فرض الضرائب وتحصيل الرسوم من الخدمات، او تسعيرها وفقا لتكاليفها الحقيقية ولمبادئ الاقتصاد الحر في العرض والطلب. اذ ليس من المعقول ان تستمر الدولة في سياسة دفع الرواتب للوظائف غير المجدية في الوقت نفسه الذي تقدم فيه الخدمات بلا مقابل او بأسعار رمزية كما هو معمول به حاليا.

لكن قبل فرض الضرائب او تحصيل الاسعار الحقيقية للخدمات، من المفروض ايضا ان تتولى الحكومة دفع الرواتب التي تتكفل بتغطية نفقات الخدمات بأسعارها الحقيقية وتأدية الضرائب التي تنوي الدولة تحصيلها من المواطنين. إننا في مصاف الدول المتقدمة قياسا الى مستوى الدخل، لكن لو قارنا بين الرواتب والأجور مع هذه الدول فإن الواضح ان الدخول هناك تفوق دخول مواطنينا من العاملين بأضعاف المرات، بل عشرات وعشرات المرات عند الوظائف المميزة.

لو انتهجت الدولة هذه السياسة، أي سياسة رفع الأجور مقابل تحصيل الأسعار الحقيقية للخدمات، فإنها في الواقع ستستعيد تكلفة زيادة الأجور، بل ربما ان أحسنت الادارة سوف تتمكن من توفير رواتب واجور موظفيها من عملية بيع هذه الخدمات وتقديمها.

ما الذي سيستفيده المواطن ان كانت الزيادة التي سيتلقاها ستذهب لتسديد الاسعار الجديدة للخدمات؟.. المواطن الذي ربما يخرج من العملية متساويا سيستفيد كثيرا على المدى البعيد، لأنه سيبدأ في التقدير الفعلي لهذه الخدمات، وبالتالي في ترشيد استهلاكها وتوفير بعض ما يدفع مقابل هذا الترشيد. ان المواطن الذي يدفع عشرة او خمسة عشر ديناراً ثمنا لوقود السيارة لن يفكر في توفير عشرين في المائة من استهلاكه لان ذلك لن يتعدى دينارين، لكن لو كان يدفع خمسين او ستين دينارا فان الحال يختلف. كذلك الامر والفرق بين من يدفع 200 دينار سنويا للكهرباء ومن سيدفع ألفا او ألفين.

الدولة ستجني «من الصوبين» ستستعيد اثمان الخدمات وتكلفتها في الوقت الذي ستوفر فيه نتيجة تقلص الهدر الحالي الناتج عن الاستهلاك غير المرشد للخدمات شبه المجانية. الطريقة الوحيدة للترشيد هي في رفع الاسعار، ورفع الاسعار يتطلب زيادة الرواتب والأجور. قد يتضرر القطاع الخاص في البداية من هذه السياسة لكن من المؤكد انه قادر على التكيف مع الوضع الجديد، خصوصا ان زيادة الرواتب ستعني زيادة في الطلب على خدمات القطاع الخاص ايضا.. ومن يدري، فقد تؤدي هذه السياسة الى رفع رواتب القطاع الخاص وبالتالي تشجيع مزيد من الكويتيين للعمل فيه.



عبداللطيف الدعيج

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.